2025-07-04 14:52:51
لطالما كان قطار الشارقة القديم، أو ما يُعرف محلياً بـ”القطار الخفيف”، شاهداً على تطور النقل الحضري في الإمارة منذ عقود. هذا النظام الذي بدأ تشغيله في سبعينيات القرن الماضي، لم يكن مجرد وسيلة نقل عادية، بل تحول إلى جزء لا يتجزأ من نسيج المدينة وذاكرتها الجماعية.
البدايات المتواضعة لشريان النقل
في زمن كانت فيه الشارقة تخطو خطواتها الأولى نحو الحداثة، جاء القطار الخفيف حلاً مثالياً لربط أحياء المدينة المتنامية. بدأ المسار الأول بخط بسيط يربط بين منطقة الرولة ووسط المدينة، باستخدام عربات صغيرة الحجم لكنها فعالة.
المثير للاهتمام أن تصميم القطار القديم اعتمد على فلسفة “البساطة الذكية”، حيث كانت المحطات مكونة من هياكل معدنية خفيفة ذات سقوف مائلة تحمي الركاب من حرارة الشمس، بينما احتفظت بمظهر عصري يناسب روح ذلك العصر.
أيام الذروة وأزمنة التغيير
شهد القطار الخفيف ذروة استخدامه في الثمانينيات والتسعينيات، عندما كان ينقل يومياً آلاف المواطنين والمقيمين بين:
– المناطق السكنية الرئيسية
– الأسواق التقليدية مثل سوق الجرة
– المؤسسات الحكومية والجامعات
لكن مع ظهور شبكة حافلات حديثة وتوسع ملكية السيارات الخاصة، بدأ دور القطار القديم يتضاءل تدريجياً. بحلول الألفية الجديدة، تقلصت خدماته بشكل ملحوظ، رغم بقائه كخيار اقتصادي للعديد من فئات المجتمع.
إرث ثقافي يستحق الحفظ
اليوم، بينما تتجه الشارقة نحو أنظمة نقل أكثر تطوراً مثل المترو الحديث، يبقى القطار الخفيف القديم أيقونة تستحق التوثيق. بعض المبادرات المحلية بدأت تنادي بتحويل أجزاء من مساره إلى معلم تراثي، أو إقامة متحف نقل يعرض قطعاً أصلية من عرباته الأولى.
في الختام، يمثل قطار الشارقة القديم أكثر من مجرد وسيلة نقل عفا عليها الزمن – إنه شاهد حي على مرحلة انتقالية مهمة في تاريخ الإمارة، حيث انتقلت المجتمعات المحلية من نمط الحياة التقليدي إلى عصر التمدن دون أن تفصل نفسها تماماً عن جذورها. ربما يكون قد فقد بريقه العملي، لكن قيمته التاريخية والوجدانية تزداد مع كل عام يمر.